خلال الحراك الشعبي العارم الذي عرفه عالمنا العربي مشرقه ومغربه، كانت طموحات الجماهير، وعموم الموطنين والمواطنات، كبيرة وهائلة، كما أن سقوف المطالب كانت تطاول عنان السماء، وكان الكل يراهن على الخيار الديموقراطي الحداثي من أجل تحقيق الطفرة الكبرى التي بمكنتها إلحاق أمتنا وشعوبنا بمصاف الدول الرائدة في الاقتصاد، والاجتماع، والسياسية، ناهيك عن الثقافة والحضارة، غير أن انتقال سِيَاسِيِينا، وأحزابنا، وائتلافاتها وتحالفاتها، من حيز الوجود بالقوة إلى مجال الوجود بالفعل، أظهر بالملموس بعد سنوات غير يسيرة من ممارسة تدبير الشأن العام، أن الهوة لاتزال عميقة وسحيقة، بين المأمول والمتحقق على أرض الواقع؛ بين المشروع المجتمعي الكبير والواعد، والمنجز فعليا على أرض الميدان؛ بين الشعارات الرنانة والهائلة، وإكراهات مواجهة المطالب اليومية؛ مما أصبح يدفع المتابعين والملاحظين، والرأي العام، إلى التساؤل الجدي والجذري، حول جدوى إرساء الديموقراطية في بلداننا العربية بعد عملية التغيير، وعن فوائدها المادية الملموس على أرض الواقع .
لماذا فشلت النخب السياسية، التي كانت مبعدة ومهمشة قبل هبوب رياح الربيع العربي، عن تحقيق الإقلاع الاقتصادي والرفاه الاجتماعي الذي ظلت الشعوب، والطبقات المتضررة في مجتمعاتنا العربية تحلم به، وتتوق لنسائمه ورياحينه؟
هل من المعقول البحث عن حصائل للديموقراطية في عالمنا العربي والإسلامي، وفسيلتها لازالت حديثة العهد بتربة بيئتنا ومناخها المتقلب وغير القار ؟
دواعش مع وقف التنفيذ ـ حسن طويل
"ليس المهم ما نؤمن به ، وانما هو الكيفية التي نؤمن بها " (كيركجارد)
الداعشية هي فكر قبل ان تكون ولاء لتنظيم معين والمحاربة ضمن جنده . فالذهنية هي رحم السلوكات والتصرفات ، والافكار والمعتقدات هي ما يشكل تمثلات الافراد للاشياء والحياة و التي تتحول بدورها الى محركات لإنتاج القيم والمواقف . الانسان هو منتوج للثقافة المسيطرة ،سواء عن وعي او عن غير وعي، خاصة ان كانت هذه الثقافة تفتقد الى آليات التفكير النقدي و تساهم في بناء العوائق الابستمولوجية لتملك الفرد لحرية الفكر والابداع .الثقافة المسيطرة في الخطاب الديني في اغلب البلدان الاسلامية ، تساهم بشكل محوري في انتاج الذهنية الداعشية . فلو قارنا الخطاب الديني المهيمن في الثقافة الاسلامية مع ما يروج له تنظيم داعش وما يمارسه ، سوف نجد العديد من النقط المشتركة الاساسية :
1- الحاكمية : النموذج الذي يسوقه الخطاب الديني السائد هو الحكم بالشريعة الاسلامية اي الاعتماد على الشرعية الدينية في الحكم و آلياتها بدل اليات الحكم الحديثة الوضعية من ديمقراطية و حقوق وواجبات وهذا ما تجتهد في تطبيقه داعش في "الامارات " التي سيطرت عليها؛
حقوق الإنسان في المغرب: الواقع المنظور والتحديات ـ محمد العمراوي
لقد أصبحت مسألة حقوق الإنسان في واقعنا المعاصر ، تلقى اهتماما متزيدا وذلك نظرا لحيوية الموضوع و لعلاقته بكيان الدولة ككل من جهة ، ومن جهة أخرى أضحى مطلبا وطنيا ودوليا، إذ يعتبر التنصيص على حقوق الإنسان في مختلف التشريعات الوطنية وتنزيلها واحترامها دليلا على رقي المجتمعات حضاريا وسياسيا.
ولا غرو إذن ، في أن يكثر الحديث ومنذ سنوات عن حقوق الإنسان في المحيط الدولي والوطن العربي، بل وأخذ البعض يقارب موضوع حقوق الإنسان لا بوصفها مطمحا و مظهرا حضاريا فقط للدول ، بل بوصفها مظهرا بارزا من مظاهر الديمقراطية ودعامة لها في نفس الوقت.
فقد كان صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10 ديسمبر 1948 تدشينا لمفهوم حقوق الإنسان كمفهوم محوري على الصعيدين المحلي والدولي من خلال الاتفاقيات الدولية ومختلف الدساتير والتشريعات الوطنية للدول.
في الاستعمال السياسي لمفهوم "الوحدة الوطنية"ـ رضوان أيار
في فرنسا اليوم دعوات إلى "الهوية " و إلى "الوحدة الوطنية " في الإعلام و في الخطاب الرسمي..هو أمر مقبول فالبلد في حالة حرب، و في حالة الحرب لابد من "دعوة "إلى رص الصفوف و الانضباط و "الوحدة الوطنية". و "الدعوة" هنا فعل واع يمارسه فاعل يعي ما يريده، و يعي استراتيجيات تحقيق المشروع، يستنفر من استطاع من الناس و الموارد، يستقطب الفاعلين القادرين على العطاء و الفعل دون تردد، من يثقون ب"الداعي إلى"الوحدة الوطنية"، مادام هو بالضرورة"حامي الوحدة الوطنية"، و لا يهم السؤال"يحمي ممن ؟ و مع من ؟ و لصالح من ؟"، و هل هنالك "وحدة " على الأرض أم فقط في الخطاب؟ و وحدة على أرضية ماذا ؟ فالداعي إلى الوحدة يمتلك الإجابات...و في حالة الحرب تكون الغايات البعيدة أهم من كل الصراعات ال"هامشية" ،و كل الأسئلة تكون هامشية، و تكون مجرد ركاكة...
نوبل للسلام هذه السنة : قراءة في الحدث ـ خالد كلبوسي
أعلنت لجنة نوبل للسلام يوم 9 ـ 10 ـ2015 أنها قررت منح جائزتها الذائعة الصيت في العالم للرباعي التونسي المتكون من الاتحاد العام التونسي للشغل المركزية النقابية الأهم و الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان و هيئة المحامين التونسيين و أخيرا اتحاد الصناعة والتجارة و الصناعات التقليدية ممثل المستثمرين الخواص لمبادرته بإقامة حوار وطني جمع بين الأحزاب الحاكمة إثر انتخابات المجلس الـتأسيسي باستثناء حزب المؤتمر الذي رفض الدخول فيه بدعوى التمسك بالشرعية وبين المعارضة بمختلف مكوناتها السياسية . وقد انتهى الحوار, بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من الفشل بفعل تشبث الأحزاب الحاكمة بالسلطة, إلى التسريع في صياغة الدستور الذي تمت المصادقة عليه في آخر جانفي 2014 , بالإضافة إلى تسليم السلطة لحكومة تسيير أعمال مهمتها الرئيسية الإعداد لانتخابات برلمانية و رئاسية .الأمر الذي تم فعلا خلال خريف السنة المذكورة. يقدر أغلب الملاحظين أن الحوار الوطني جنب البلاد أزمة سياسية حادة كانت تنذر بانتشار العنف و انهيار مؤسسات الدولة.حيث يمكن القول :إنه وقع تجاوز فترة انتقالية طالت أكثر من المتوقع باتجاه إرساء مؤسسات قارة.
مزاج الإنسان العربي بعد ثورات الربيع ـ د.محمد بنلحسن
بعد ثورات الربيع العربي الذي اندلعت شرارتها الأولى بتونس الخضراء ، وانتشرت لتعم أرجاء عالمنا العربي من محيطه إلى خليجه، طرأت على مزاج الإنسان العربي وسلوكه، تغيرات عميقة، بحيث لم يعد المواطنون والمواطنات، على تباين أجناسهم، وأعمارهم، وانتماءاتهم ، قادرين على مواصلة الصبر والانتظار؛ من أجل تحصيل الحقوق المشروعة؛ مهما كانت درجتها، أو قيمتها، ومهما كانت الجهة الساهرة على تمتيعهم بتلك الحقوق، سواء كانت سامية في سلم الدولة والإدارة، أم بسيطة ...مركزية كانت أو جهوية أو محلية ...
لقد ترسخت لدى الجميع، لاسيما بعدما أحرق البوعزيزي جسده في سيدي بوزيد، احتجاجا على الظلم والاستبداد والعنف، أن لاشيء يمكن أن يمنع الإنسان من الإصرار على المطالبة بحقوقه التي يعتبرها أساسية ومشروعة، حقوق أصبح الفرد على أتم الاستعداد لتقديم أغلى ما يملك؛ أي روحه، فداء وقربانا من أجلها؛ لئلا يستمر الظلم والقهر والجبروت ...من لدن الطغاة المستبدين المتحكمين في رقاب الناس دون حق ...
السياسة اللغوية أم لغة السياسة؟ ـ عثمان وعراب
تعتبر اللغة،إلى جانب عوامل أخرى كالدين والثقافة والتاريخ ...، من بين العوامل التي تميز مجتمعا عرقيا عن المجتمعات الأخرى. قد تكون اللغة وحدها هي ما يميز عرقا عن غيره، كما يمكن أن تنضاف إليها عوامل أخرى مجتمعة. لكنها ليست دائما عاملا مميزا لعرق ما عن غيره. وما يجعل منها، ومن غيرها من العوامل، عاملا مميزا لعرق ما هو الظروف التاريخية لذلك العرق. فإذا ما نظرنا إلى وضعية المغرب الآن سنجد أن اللغة الأمازيغية (على اختلاف 'لهجاتها') تعتبر عاملا مميزا للأمازيغ، إذ تميزهم عن غيرهم من المجموعات العرقية المغربية الأخرى. وبالنظر إلى الظروف التاريخية الراهنة نجد أن المغرب عرف ولا زال يعرف حراكا من قبل النشطاء الأمازيغيين الذين لا ينفكون يطالبون بكامل حقوقهم اللغوية والثقافية.
ففي هذه الظروف جاءت دسترة اللغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية كلغتين رسميتين للبلاد. وهنا يأتي السؤال التالي: ما محل اللغة الأمازيغية من السياسة اللغوية للبلاد؟ سؤال يحيلنا على سؤال آخر: هل هناك سياسة لغوية محددة تتبعها الدولة؟ وما هي هذه السياسة؟
رحلة صغيرة في جمجمة يساري مغربي ـ طويل حسن
" في هذا العالم ؛أحيانا لاتدخل على الحياة ، إلا بالخروج عليها .. ولن تصلي حتى تترك الجماعة .. ولاتؤمن بالله حتى تكفر بالمعبد .. و لن تعانق الحكمة حتى تتخلى عن كتب فلاسفتها "(انقلاب المعبد ، عبد الرزاق الجبران).
"المتخلف يفهم ويمارس يساريته بتخلف "
إن اليسار المغربي لعب دورا كبيرا في مواجهة الإستبداد وناضل كثيرا في سبيل الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان و الحريات . إلا أن المتتبع الموضوعي لتاريخه و ممارساته و خطابه يقر بأزمة حقيقية عاشها في ماضيه و حاضره وحتما سيعيشها مستقبلا ، مالم يقم بنقد ذاتي وبعملية إعادة البناء على جميع المستويات : الفكرية و السياسية و التنظيمية ، وذلك عبرالقطع مع البراديغم المتبنى لحدود الآن ، وإبداع براديغم يساري جديد يكون قادرا على إنتاج الاسئلة والاجوبة الحقيقية للإشكاليات التي يعيشها الشعب المغربي .و لعل أبرز مظاهر هذه الازمة هو تشوه يساريته نتيجة وجوده في بنية إجتماعية متخلفة تعيش على إيقاع حداثة رثة تمسخ كل شيء بالتخلف . مما تحوله إلى ماكينة لإعادة انتاج التخلف ولو بنيات حسنة.