
لم تكن هوية الدولة مطروحة على جدول أعمال المفاوضات ، التي سبقت التوقيع على اتفاقية كامب ديفيد بين مصر واسرائيل في أيلول من العام 1978 او معاهدة السلام المصرية – الاسرائيلية في آذار من العام 1979 ، ولا هي كانت مطروحة على جدول أعمال المفاوضات التي سبقت التوقيع على معاهدة وادي عربة بين الأردن واسرائيل في تشرين أول من العام 1993. في حينه لم يطرح المفاوض الاسرائيلي على مصر أو على الأردن شرط الاعتراف بدولة إسرائيل باعتبارها دولية يهودية أو دولة " للشعب اليهودي " ، وفي ظني أن قادة مصر والاردن كانوا سيرفضون شرطاً من هذا النوع ، باعتباره غير مألوف في العلاقات بين الدول في المبدأ والأساس.
الأمر لم يختلف في المفاوضات التي سبقت التوقيع على اتفاقية اوسلو وما تلاها ، وما أكثرها ، بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية ، مثلما لم تتضمن رسائل الاعتراف المتبادل بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي في أيلول من العام 1993 أية إشارة الى هوية الدولة ، التي يعترف بها الجانب الفلسطيني . في رسالة الاعتراف المتبادل ، التي بعثها الرئيس الراحل ياسر عرفات الى رئيس الوزراء الإسرائيلي في حينه اسحق رابين ، وقع الرئيس الفلسطيني نصاً مكتوباً جرى الاتفاق المسبق عليه : " أن منظمة التحرير الفلسطينية تعترف بحق دولة إسرائيل في العيش في سلام وأمن وتوافق على القرارين 242و 338 لمجلس الأمن الدولي " .
هوية الدولة ، دولة يهودية أو دولة "للشعب اليهودي " أو دولة لجميع مواطنيها اليهود والعرب ، لم تكن مطروحة على جدول أعمال للقاءات او المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني ، والاسرائيلي ، إذ ليس من المألوف ان تتفاوض دولة على هويتها او دستورها او سيادتها ، الا في حالات استثنائية كأن تقع الدولة تحت احتلال أجنبي يدفعها تحت ضغط القوة الى ذلك ، كما هو الحال هذه الايام في العراق . أما الدولة المستقلة فإنها لا تقدم على ذلك ولا تبادر الى طرحه ، باعتبار ان الهوية او الدستور او السيادة شأن داخلي من شؤونها .
وفقط خلال قمة العقبة ، التي انعقدت في حزيران من العام 2003 ، والتي شارك فيها كل من رئيس الوزراء الفلسطيني آنذاك محمود عباس – أبو مازن ورئيس الوزراء الاسرائيلي ، أرئيل شارون والملك عبد الله الثاني والرئيس الاميركي جورج بوش ، تعرض الأخير في خطابه في القمة الى هذه المسألة ، ليس بهدف طرحها على جدول أعمال أية أجندة سياسية أو تفاوضية ، بل كتعبير عن موقف إدارة هي الأقرب الى اليمين واليمين المتطرف في اسرائيل بين جميع الادارات الامريكية السابقة .