
في ذكرى انطلاقتها..فتح والأفق المظلم...! - د. صلاح عودة الله

أصعب شي يمارسه الإنسان هو التفكير لذا يخشى كثير من الناس ممارسته . هنري فورد
أخذ جانب الحياد والمراقب في تفسير ما قامت به السلطة الفلسطينية من بناء ضريح الراحل أو كما ينعته أنصاره بالشهيد الرمز / ياسر عرفات ، في مقر المقاطعة في رام الله . هذا الضريح الذي كلف ما يقارب المليونين دولار من حر مال الشعب الفلسطيني حلالا زلالا لان السلطة حفاظا على كرامة الراحل ياسر عرفات " رفضت عروضا مالية من الخارج للتكفل ببناء الضريح ، وأصرت (التي تختلف عن ألحت عادل إمام ) على أن يتم بناؤه من الصندوق الفلسطيني وذلك " للتأكد من أن المال المرصود من أموال الشعب الفقير لا يختلط بالمال الربوي !! ومن وجهة النظر السياسية والاقتصادية المناضلة فالشعب الفلسطيني اغتصبت أرضه وفقد أبناءه وخسر ماله فهل نستكثر عليه خسارة مبلغ قليل فقط 2 مليون دولار في بناء قبر . أقول : من لم يهتم بالقليل لا يهتم بالكثير .
لماذا شعرت بالأسف وأنا اقرأ مقالة الصحفي أسامة العيسه في المنتدى الثقافي للشرق الأوسط يوم الأربعاء 21/11/2007 تحت عنوان " فلسفة المؤقت في ضريح عرفات كلفتها قاربت المليوني دولار" أو ربما أكثر !
المقال ذكي ويهز القاريء الذي يعيش عصر الكتابة الراقصة . اعتبر المقال نوعا من الطرافة لسذاجة تصرف السلطة الفلسطينية التي هي وأعمالها إحدى مساخر الشعوب .فالسلطة من حبها الكبير والمفتعل للراحل ياسر عرفات تثير الاشمئزاز .
المعلومات الواردة في المقال الذي يصف بناء الضريح وملحقاته ومواصفات البناء حسب مقاييس (الايزو للقبور ) تؤثر في الرأي لما تظهره من حقائق متناقضة مع الواقع المعيشي للشعب الفلسطيني وتترك القاريء ليطرح رأيه على نفسه . سرقونا أحياءً وأمواتا وتصرفوا بمصير الوطن ببرودة أعصاب قاسية .
مرة أخرى ، لماذا شعرت بالأسف على صرف هذا المبلغ ؟ هل لأني احسد السلطة على فتحها بابا استثماريا جديدا هو بناء القبور إلى جانب استثماراتها في بناء الكازينو والمغتصبات الصهيونية ؟ هل لأنه كان بالإمكان ( نعم بالإمكان ) صرف هذا المبلغ على مرافق (وما أكثرها ) أكثر أهمية للشعب الفلسطيني؟ أم لان إسرائيل تجاوزت القضية الفلسطينية ( إذا بقي هناك قضية فلسطينية ) وهي تتطلع إلى الاستمرار في بناء مستقبلها لأنها وجدت لتعيش على حساب الوطن العربي ونحن نتلهى ونفاخر في بناء ضريح " أصبح احد الرموز المعمارية الحديثة الأكثر أناقة وجمالية في فلسطين اليوم " . لعل القصد من بنائه هو مساهمة السلطة الفلسطينية في تشغيل اليد العاملة (وما ارخص كلفتها )في بناء " تحفة فنية " .إذ جاء في المقال " عمل فيه نحو 12840شخصا بين مهندس ومراقب ورسام ومساح وحاسب كميات بالإضافة إلى الحرفيين " ؟ أم هو رسالة تخاطب العالم "ببساطة تصميمة " على أن الشعب الفلسطيني بسيييييط في مطالبه الوطنية كما هو بسيييييط في موته !! نعم هذه التحفة الفنية مثل القضية الفلسطينية التي أصبحت تحفة سياسية مركونة على الرف لا تصلح إلا للذكرى وإثارة الشجون لأنها تاريخ ماضي .