
ليس الهدف من بداية هذه المقالة بشهادة برودون هو مناقشة أرائه وفلسفته ،وهو الذي يصنف من بين أهم رواد التيار الفوضوي ،لكن هدفنا هو طرح سؤال هام : هل شكلت الدولة مصدرا للعنف وما تزال ؟ أم أن عنف الدولة مشروع بحكم سهرها على إحترام قانون متعاقد عليه ؟
لقد إرتبط العنف كظاهرة بالإنسان منذ ظهوره ، عنف مارسته الطبيعة بمختلف ظواهرها ، وعنف مارسه الإنسان ضد الطبيعة بدافع الرغبة في البقاء ،عنف جماعة إتجاه أخرى وعنف فرد ضد ذاته وضد الآخر. إن ظاهرة العنف كانت دائما موجودة وإتخذت صورا وأشكالا مختلفة تطورت أساليبها وآلياتها عبرالتاريخ...إن تركيزنا في هذه المقالة سيكون على عنف الدولة ، أي الضغط والإكراه الذي تمارسه قوة حاكمة على مجموعة من الأفراد الخاضعين لسلطتها، وهو إكراه مشروع ( إرغامهم على التقيد بقوانين تحد من حرياتهم ) وإكراه غير مشروع ( عندما تستغل سلطتها لتجاوز هذه القوانين ).
إن العنف بأشكاله المختلفة يمارس بطرق متعددة تطورت بتطور المجتمعات وتقدم العلوم ،وكما أشرنا سابقا ، لا يهما في هذه المقالة العنف الفردي ( الموجه من فرد لآخر أو ضد جماعة ) ،بل عنف الدولة كمؤسسة حاكمة والذي تمارسه في إتجاه عمودي ( على الفئات الخاضعة لسلطتها ) وفي إتجاه أفقي( على باقي الدول الأخرى ).