20fevrier-anfasseلأشد ما كنت حريصا على متابعة ردود ألأفعال المتباينة ,التي تخلفها حركة 20 فبراير,ليس فحسب تلك التي تصدر متفقة ومثمنة للحركة, و لكن أيضا تلك التي تنتقدها , و تحاول تبخيسها, دون أن تكون لأصحابها الجرأة الكافية ,للإعلان صراحة عن موقفهم الرافض لها.
ربما مخافة تلقي صفعة أخرى ,كتلك التي تلقوها عقب الخطاب الملكي, للتاسع من مارس المنصرم, أو انطلاقا من خلفية انتهازية صرفة ,تسترعي ضرورة أخذ جميع الاحتمالات بعين الاعتبار,مكرسة طبعا المساحة ألأرحب في لغتها وخطابها,لإبداء آيات الولاء والطاعة للمخزن ,غير أنهم يحجمون عن الإعراب صراحة ,عن مواقفهم المعادي لحركة 20 فبراير,و للدينامية التي خلقتها ,بعد عقود من الإفلاس و الكساد الكلي, الذي تنفع منه العديد ممن كانوا و لا يزالون مدينين فيما يرفلون فيه الآن من ثروة و جاه,لجو الركود هذا,محاولين في الآن ذاته الإبقاء على وضعهم و تحصين مكاسبهم في خضم الحراك الحالي,بما يتوافق و سقف الانتظارات الذي رسموه, من خلال "_ سلان الشوكة بلا دم_" كحد أدنى ,و-" زيادة الخير ,خيرين-",كسقف أعلى لما يمكن أن يفرزه المخاض الحالي .

anfasse45" ان احداث التغيير في النظرة الانسانية هو بداية احداث التغيير في العالم"[1]
تضم الخارطة السياسية والفكرية بالوطن خاصة والعالم العربي الاسلامي عامة توجها عقلانيا تنويريا يعتمد الاسلام الحضاري كمرجعية ايديولوجية ويتبني القيم الكونية التي تضم ثقافة الديمقراطية والمواطنة ومنظومة حقوق الانسان ويؤمن بالدولة المدنية ويحترم مختلف التشريعات الدستورية والمجلات القانونية ويتواصل في الآن نفسه مع الثقافة الوطنية والتراث النضالي لحركة التحرر المدني من الاستعمار والامبريالية.
اللافت أن الذين ينتمون الى هذا التوجه ينشطون بشكل مستقل وفردي في العديد من الأحزاب والمنظمات النقابية والهيئات الحقوقية والجمعيات الثقافية واتحادات الكتاب والمنتديات الاعلامية والمنابر الصحفية ومعظمهم ينحدر من مختلف العائلات السياسية اذ هناك الاسلام الليبرالي والاسلامي التقدمي والقومي المسلم واليساري المتدين والوطني المسلم والتدين الاجتماعي والمجتهد المصلح والمثقف الملتزم.

anfasse-politique" لكي نحارب الشمولية ينبغي أن نفهمها على أنها تمثل النفي الأكثر اطلاقا للحرية"[1]
اذا كانت حركات التحرر العربي في القرن الماضي قد تشكلت من أجل التصدي للاستعمار ومشروعه الامبريالي وفشلت نسبيا في القضاء عليه بشكل تام، بسبب نجاح الدول المستعمرة في تركيز أشكال سلطة موالية لها تحكمها نخب تربت في بيئتها الثقافية وساهمت هي في تأطيرها وتوجيهها قصد المحافظة على مصالحها والابقاء على حالة التبعية تجاهها، فإن الثورة العربية الحالية قد اندلعت قصد التخلص نهائيا من هذه التركة الثقيلة والاجهاز على الاستبداد والأنظمة الشمولية التي تعاني من نقص في السيادة أمام التعديات الخارجية وتمارس التغول الأمني في الداخل وتعامل أفراد الشعب كرعايا خاضعين.
اذا كانت الامبريالية تشير الى الشر السياسي القادم من الخارج والتي تداهم الأوطان عن طريق حروب استعمارية ووحشية رأسمال فإن الشمولية هي شر سياسي يحكم الداخل بالقوة ويتميز بالتعطش الى السلطة وارادة الهيمنة وممارسة الارهاب ويشكل بنية قهرية للدولة تمنع الناس من ادراك طبيعة الحقبة التاريخية التي يعيشون فيها وتحول دون تصورهم لشكل المجتمع في المستقبل الذي يطمحون اليه.

أنفاس نت" الشعب وحده هو الشرط التاريخي لوجود الأمة، ولكن هذه الأمة ستصبح في القانون، متفقة ومتطابقة مع الدولة"[1]
أعتقد أنه آن الأوان لكي يتشكل خطاب فلسفي عربي هو وحده الذي يجعل من الثورة عاملا رئيسيا في التحليل السياسي للأحداث المجتمعية والمنعطفات التاريخية ولكي يترك الخطاب الحقوقي يصعد على السطح ردا على ممارسات القوة وألاعيب السلطة وتفاديا لحرب الكل ضد الكل والحيلولة دون الدخول مجددا في العصر الهمجي  وتحقيقا للتوازن بين التجربة التاريخية والتنظير الفكري وحفظا لروح الثورة من النسيان والاهدار.
ما لا يحتاج الى برهان هو أن الثورة صارت تشكل المكون الرئيسي للمعقولية الفلسفية للتاريخ العربي سواء ما تحقق في تونس ومصر أو ما سوف ينجز في ليبيا واليمن والبحرين والعراق وغيرها، وإن ما تعلقت به الهمم والنفوس من هجرات نحو الديمقراطية والتعددية السياسية وايمانا بالحراك والتغيير وضخ الدماء الشابة هو الاستئناف الحضاري واعادة التأسيس والعود على البدء والقيام بالمنعطف والتحديث.
كما أن ما تم اقصائه من المسرح التاريخي هو الاستبداد والطغيان وما قام به الشباب عند خروجهم للشارع واعتصامهم في الساحات وترديده للشعارات وكتابتهم على الجدران هو كنس للفساد والعنف والفشل. علاوة على أن المد الثوري سيعم المنطقة العربية من غربها الى شرقها ومن شمالها الى جنوبها خاصة وأن القواسم المشتركة كثيرة والهموم والمشاغل موزعة بشكل عادل وتقتضي حلولا استعجالية.

أنفاس نتليس من عادتي أن أتعامل بالعواطف والإنفعالات مع الأحداث والوقائع السياسية، غير أنني لا أنكر هذه المرة انفعالي الشديد الذي بلغ حدّ الشعور بالغثيان، وأنا أستمع إلى تعليقات بعض ممثلي الأحزاب السياسية المغربية على مسيرة الشباب يوم 20 فبراير المنصرم.
فأن تقاطع هذه الأحزاب تظاهرة الشعب المغربي المطالب بالتغيير، هو أمر طبيعي بسبب موقع بعضها في الحكومة المسؤولة جزئيا عن الوضع الحالي، وهو أمر طبيعي بعد ما آلت إليه هذه الأحزاب من تردٍّ وتآكل وضعف مصداقية، وهي التي ظلت تعبث في المجال السياسي المغربي منذ 2007 بمجموع أصوات انتخابية لا يتعدّى 19 في المائة موزعة على أزيد من ثلاثين حزبا، كما أنه أمر طبيعي بالنظر إلى سلوكها السياسي الذي يطفو على السطح في أشكال التلاسن والهراش والصراعات الصبيانية والدسائس التي لم تعد تحسب حسابا حتى للمصالح العليا للبلاد، والتي لا تهمّ أحدا من أفراد الشعب المغربي، كالتي تقع بين حزب البام وحزب الإستقلال وحزب العدالة والتنمية، مما يدلّ على مدى الإفلاس الذي بلغته الساحة السياسية المغربية التي أفرغت من كلّ مدلول جدّي. وهو أيضا أمر طبيعي بالنظر إلى العلاقة التي أصبحت تربط الأحزاب السياسية بالسلطة العليا، والتي تتمثل في انتظار "إشارات الملك"، الذي يعطيها الضوء الأخضر للتحرك، فالأحزاب معذورة لأنها لم تتلق إشارات الملك للنزول إلى الشارع لكي تتقدم إليه بمطالب، وقد يعني ذلك ضمن ما يعنيه أن النظام ليس مستعدا بعد لسماع صوت الشعب من أجل التغيير، رغم كل الظروف الخطيرة التي يجتازها العالم في السياق الراهن.

أنفاس نت"متى استعبدتم الناس، وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟!"
الفاروق عمر بن الخطاب

مهاد الموضوع
تعد الحرية قدرة الفرد على الفعل من دون قيد آسِرٍ لهذا الفعل، إن الحريةَ تجاوزٌ للقيود والإكراه، والحرية بما هي مقابل للخضوع والإكراه في الفعل الإنساني، فإنها يمكن أن تنفصل إلى طريقين: حرية بما هي نقيض للإكراه على الفعل أو الحرية الآمرة، والحرية بما هي مقابل للإكراه على عدم الفعل أو الحرية الناهية، سواء كان هذا الفعل فرديا أم جماعيا أم ووطنيا. وبالتالي، تغدو الحرية في أبهى تجليها إرادة الفعل و إرادة عدم الفعل في الوقت نفسه.
1. أنماط الحرية
تتمفصل الحرية، بالنظر إلى التحديد السابق، إلى الحرية الفردية التي ترجع إلى الفعل الذاتي، في علاقته بالأفراد والجماعات؛ ثم الحرية الجماعية المتعلقة بقدرة الجماعة على الفعل، بمعناه الاجتماعي، بعيدًا عن الخضوع والخنوع والإكراه؛ ثم الحرية الوطنية التي ترتبط بقدرة الوطن، من خلال مؤسساته الاجتماعية، على الفعل من دون ضغط خارجي يحد من قدرة الوطن، ويأسر إرادته في الفعل والاختيار.

أنفاس نتفى ميدان التحرير تعالتْ صيحاتُ المقهورينَ, وحَّدهم القهر, وقادتهم المعاناة, ومِنْ بعضهم استمدوا الإرادة واستدانوا القوة, فكان المشهدُ مهيباً, رأيناهم يتحررون من أغلالهم,ويحطّمون أبوابَ القُصور الموصدة, والتى زعموا أنها غير قابلة للتحطيم.
كتبَ الشبابُ بدمائهم ( ارحلْ), وطوائفُ الشعبِ خرجتْ من مناجم الغضب لتزلزلَ الأرضَ وتعلنَ أنه :
لا يرضخُ الطّغاةُ لواقعِ الحياةِ إلاّ إذا تحطّمتْ عروشهم, أو بعد فوات الأوان.
فقد
خلقَ الله البشرَ في الحقوقِ والواجباتِ سواسية, لكن فراعنة الظلم وزبانيته أبوْا ذلك.
كانتْ
شعاراتُ المساكينِ القناعةُ, ولقمة العيش الحلال, جدرانَ بسيطة تحمى البدن من قسوة الطبيعة, الأمن على النفس والعرض, وامشِ يا ابنى جنب الحيط, وهذا هو الحد الأدنى لكلِّ أدمى يدب على الأرض.

أنفاس نتلم يعد الناس يـُلقون بالاً لما يقوله "الملأ" من سدنة الاستبداد ونظمه.لم يعد الناس يـتأثرون بما يفعله "حملة المباخر"، المنتفعون من بقاء هذه الأنظمة الاستبدادية، لذا يسعون لتحسين صورتها، وبقائها لأطول أمد.. وهيهات مهما طال الزمن.
لقد تغير الحال كثيرا.. لم تعد الشعوب تسمع لأبواق الإعلام السلطوي الفاسد المُفسد، الضال المُضل التي تحاول، "لاهثة" أن: "تثنى الناس عن التعبير عن غضبهم بعدما فاض بهم الكيل وتحملوا مظالم لا قبل لهم بها".
لم يعد الناس يعيرون اهتماما بما "يـدبجه"وعاظ السلطان"، فلا داعي لهؤلاء وغيرهم أن "يبيعوا دينهم بعرض زائل من الدنيا". لا داع لهؤلاء للسعي، وهم فاشلون سيفشلون، في "تغييب العقول"، وتكريس السلبية، و" تخدير الناس"، وتبرير الرضا بالظلم والقهر والطغيان، والتخويف من طلب الحقوق والعدالة والمساواة والإنصاف.. والحياة الكريمة الشريفة. لقد بقي ذلك العنوان الذي صاغه الشيخ الشعرواي، والغزالي وهم يتصدون لأحداث الزاوية الحمراء: "لسنا من وعاظ السلطة، ولا علماء الشرطة". رحم الله الشيخ الجليل، "محمد الغزالي"، وهاأنذاـ بين يدي هذه السطورـ  أضع يدي علي كتابة/ سفره القديم الجديد المتجدد:"الإسلام والاستبداد السياسي".. أعيد قراءته مرة ومرة ومرة.