
يا بني : اعلم أن أباك صابر ابن صابر وأمي طاعة بنت نافع ، أتميز بصفات أُحَب من أجلها ولا يستطيع أحد أن ينازعني فيها، وعليك أن تفخر لأن فيك مني مثلها ، فأنا صبور حمال للمشقة ، ورغم أن هذه الصفة تنسب غالبا إلى الجمل فيزهو بها على سائر ذوات الحافر و الأظلاف إلا أني أجد في نسبتها إليه دوني ظلما وتجنيا؛ لأنه قد يصبر على العطش أكثر مني ولا أجادل في ذلك، وقد يصبر على السير والضرب في أرض الله لمسافات أجد صعوبة في مجرد التفكير فيها ، ولا جدال في ذلك ، ولكنه لن يستطيع بدوره أن يصبر مثلي على تحمل المهانات ، وأن يوسع قلبه الذي لن يتسع حتى وإن أراد لقبول الشتائم التي يوجهها لي صاحبي" العَرْبي" فهو يستعيذ بالله من أي صوت يصدر عني ، أو أنوي أن أصدره تعبيرا عن وجودي ، أو طردا للأسى وترويحا عن الشجن ، أو اشتياقا وحنينا لخل طوحت به الأيام والقاطرات من سوق إلى سوق؛ ومن قطر إلى قطر.