راح ينظر بلا مبالاة نحو شاشة التلفاز حيث كانت تلك الممثلة المغمورة تقول جملتها الوحيدة فى هذا العمل الفنى ، اعترف بداخله بأنها جميلة ، الجملة لا الممثلة ، غير ان الكارثة تتكرر : الشخص غير المناسب فى المكان غير المناسب .
غير انه لا يهتم بذلك كثيراً ، لكنه كعادته يبحر فى التفكير حتى يشمل بتفكيره الكون كله دون ان يتحرك من موضعه او يبذل مجهودا ليأتى بشربة ماء هو فى أمس الحاجة اليها . حَوّل نظره عن شاشة التلفاز وراح يشخص ببصره فى السماء المظلمة والتى كانت تبدو كفستان عروس زينته النجوم اللامعة ، وجد نفسه يتأمل بشدة فى هذه النجوم ، وخُيل له أن هذه النجوم هى عبارة عن ثقوب عديدة مثل الثقوب التى تملأ ثياب الشحاذين ، وان تلك الثقوب تكشف عن اليسير من الضوء المبهر الذي يكمن من خلفها .
عاد ليحمل عينيه ثانية داخل الغرفة وبالتحديد نحو أرضية الغرفة حيث كانت السجادة المزركشة ، سرح فى تلك التشكيلات الفنية التى حاكها صانع السجاد ، مثلثات ومربعات ومستطيلات ، راح يتخيل أن هذه الأشكال تُحاك من جديد لتصنع أشكال أخرى متنوعة تداخلت فيها جميع الأُطر، حتى شعر أنه على وشك أن يفقد وعيه فنهض فجأة . شعر بالظمأ فذهب ليأتي بشربة ماء ، وما كان ليفعلها لولا أنه نهض ، فهو اذا جلس خارت كل قواه بشكل غير مسبوق لايصدقه هو نفسه .