لم أكن أتوقع أنه سيغادر البيت بهذا الشكل المفاجئ ، و بهذه الطريقة الغامضة . . بمجرد أن توصلت بمكالمة شابها حزن ظاهر من لدن أخي ، هرعت مسرعا علّني أصل إلى المكان الذي افترضت أن يذهب إليه . كان الجو جد بارد . و الظلمة كثيفة إلى حد أنني وجدت صعوبة كبيرة ، في المشي على رصيف هذه المدينة الجميلة ، التي لم يمض على وصولي إليها سوى أيام عديدة . و عند مفترق الزقاقين رأيت شابين متجهين نحوي . فكرت في أشياء كثيرة يمكن تحدث حين سيحاولان الإساءة إلى شخصي ، رغم أنني لا أميل إلى العنف ، و لا أعترف به كطريقة وحيدة لحل المشاكل و النزاعات ، سواء بين الأفراد أو الجماعات ، إلا أنني فكرت في تلك اللحظة في أسوء الأشياء ، التي يمكن تقع بين شخصين أو أكثر في ظروف كظروفي .
توقفا أمامي دون أن أحس من جهتي بأدنى حرج أو خوف يذكر . طلب مني الشاب الطويل القامة سيجارة . أخبرته أنني في حوزتي سيجارة واحدة سأدخنها في الحين . قال الشاب الثاني و يداه في جيبي سرواله القصير ( إذن سندخنها معا ) ، قالها بنوع من المرح الواضح ، قلت (إنني في عجلة من أمري و ليس لدي الوقت الكافي للسهر معكما . ورائي هدف لابد من قضائه ).لكن مع إلحاحهما اضطررت لمجالستهما في إحدى زوايا الشارع العام في الزقاق المظلم نفسه ، المقابل لحانة شعبية ، كانت مازالت مفتوحة أبوابها .