
_خذ رقم ستة
صعد الحافلة مع جموع الطلبة التي كانت مصطفة تنتظر قدومها، ورجع إلى الوراء ينزع نفسه وسط الزحام واضعا يده في جيبه حتى لا يكون فريسة سهلة لنشال يصطاد في الماء العكر، أما اليد الأخرى فكان يمسك فيها بعصبية على الملف الذي يحمل الشهادة التي طالما حلم بها، والتي أمضى في سبيلها اثنتا عشرة سنة من الدراسة دون رسوب حتى استطاع أن يحصل عليها عن جدارة واستحقاق ، لم ينتظرها لوحده وإنما كانت كل الأسرة تترقبها وتبني أمالها وأحلامها على شهادة الباكلوريا التي سيحصل عليها "عبد السلام " هي الآن بين يديه ، وليس بينه وبين دخول الجامعة إلا وصول الحافلة...
كان يطل برأسه من النافذة مشدوها إلى هذه المدينة الجديدة التي لم يزرها من قبل وإن كان سمع عنها كثيرا "الله يعطي لأصحاب فاس الجنة ويعطينا احنا فاس" كانت هذه العبارة وحدها كافية ليرسم في ذهنه صورة خيالية لهذه المدينة الجميلة، التي خلدت حولها هذه العبارة. وأحس بنشوة غريبة تعتريه وهو يتخيل نفسه طالبا في جامعة فاس العاصمة العلمية التي يتمناها الناس كما يتمنى المرء الجنة!!