anfasseانقطع التيار فجأة، فأسدل الليل ستائره وراح الصمت يغرس نابه منقضاً على ضجيج ٍ أبكم، تقوقع الجميع مكانه ساكنا لا تسمع إلا همساٌ، بكاء الصغار يقطع أنين السكون، وصوت ارتطام كرسى بصاحبه يأتيك من طرف خفى، واجتمع محاقُ الشهر وبرده مع غضبِ عواصفٍ، ورابعهم قيلولة التيار، تحولت القرية إلى أشباح وآذان صاغية، هدأ صوت الأطفال رويدا على ثدى أم التقطه جزعا لا جوعا، أو فناء شمعة تطعمنا نورها ليذوب داخلنا مانحا أمانا ودفئا نلتمسه .أهاج الظلام فى النفوس نوماً غير مأمول، وحرك فى آخرين يقظة أفئدةناسكة، أوشهوات مسعورة مكبوته، والتمست مذياعى القديم تريد أركانه أن تنقض، يقيم أوده أستيك فقد صفته حتى لا تخرج أحشاءه، ورحت أستجديه يسامرنى ظلام ليلى...أدرته برفق...أخرسه الليل، هززته بلين كى ينفض ما علاه من قسوة الهجر...أبى نطقا كمن يعاقبُ حين مقدرةٍ، رحتُ أتحسسُ بطاريته فصرخت وتقيأت بصدأٍ وصديدٍ فى جوفها وفاض ليعدى جيرانها، انقطعت أمعاء الرجاء لدى فى صديق أصارع معه أبابيل الليل العاصفة.

أنفاسفي تلك القرية الآمنة, حيث القلوب فيها هي الدليل إلى كل شيئ , لم يكن هناك حاجة لأنوار إضافية تضيئ الدروب , فالناس كل الناس أدمنوا تلك الزوايا والدروب, فكانوا يمشون مسترشدين بإستبصارات داخلية لايعنيها أي أضواء خارجية قد تزيد الطرق المرصوفة بالحب ظلاماً .
كانت الأفراح تقام على أضواء معتقة في زجاج قديم أمام إحدى دور العبادة , فيصبح أي فرحٍ عبارة عن تراث مقدس , يرتبط بالروح لا بأي شيئ آخر , ولذلك كانت أفراحاً حقيقية و سعيدة.
وكان التواصل روحاً لروح , لا يحتاج لأسلاكٍ ومحطاتٍ ومراكزَ خدمة،وكان اتصال الانسان بداخله هو ما يميز تلك البيئة وهذا المكان، و لم يكن الناس يحتاجون إلى كثيرٍ من المكر والدهاء والفكر ليصلوا إلى غاياتهم .وربما كما يقول أحد الفلاسفة , الحكمة و السعادة كانتا تلازمان الانسان منذ بدء الخليقة حتى تطورت لديه القشرة الدماغية المفكرة فغدا بعيدا عن الحكمة وبعيدا عن السعادة....

أنفاستتسلقك النظرات طويلا.. وأنت " كنشيد ساحلي حزين"·، لم تلق بالا للوهلات الأولى للنظرات تتصعد هامتك، للنظرات تتدحرج إلى أن تقيس ظلك، أكانت علاقتك تتلخص مع هؤلاء الناس بأن بينك وبينهم دما أحمر. أعرف أنك كتبت على ظهر كراسك يوما: " أريد أن يبقى دمي مشرقا حتى في دمائهم"··
ها هم يحدقون فيك بالرغم من أنك " بسيط كعشاء الفقراء..واسع الكف، فقير كفراشة"·. أتجرؤ أن ترفع وجهك إلى هذه الكتل البشرية. إن تنظر إلى حقيقتها ذوبتك. إن تقترب منك طوحت بك الكوابيس. إن تحتمل جرأتها تـ...
آه.. ها أنت أخيرا ترفع عينيك!! ! يا ترى ما تقول نفسك لنفسك؟..
ازحفي بنظراتك نحوه أيتها الكتل البشرية. حدقي مليا في الجسد المرتعش، والله إن تلك العيون الملايين لو أدامت نظراتها إليك لانمحيت.

أنفاسكان الشاب يسرع الخطى وهو يدخن سيجارة تجاور حمرة لهبها شفتيه ويتأبط قنينة خمر رخيص متجها نحو ماخور تنادي من نوافذه المومسات على المارة كما ينادي الباعة المتجولون على الزبناء حينما أوقفته كلمات شيخ تعلو ملامحه علامات دراسة الفراسة:
- "أراك وحيدا ومدمنا ومبتلى!"...
وحين توقف الفتى وجمد مكانه، واصل الشيخ:
- "التدخين للمتوترين، ومعاقرة الخمر للأشقياء، وارتياد المواخير للخجولين، وإدمان الوحدة للمنبوذين!"...

أنفاس المشهد الأول : غير مرئى         
المكان: بقعة مباركة
الزمان: توقيت خاص
الشخصيات: هى
ستار أبيض ...
هى كما وصفتها كتب التاريخ .. نقش غامض وطلاسم يستحيل حلها فى عمر الدنيا
لون جديد على قائمة الألوان ومزج خاص من عطور الجنة
تأتى بالنور فينسجم الورد مع أهل الأرض
ويدور فى فلك الدنيا قمر جديد باللون الموڤ

أنفاسالصّنّارة :
ارتعشت القصبة ، فتهلل وجهه ...حك بطنه ، وأعد سلته .
ظل يجذب ويجذب .. حتى وقع في الماء .
كانت الصنارة والسمكة على موعد مع وجبة آدمية ..
بلبل :
حينما تغرّد البلابل في أقفاصها، يرقص بائعها فرحا.
كان بلبل ينفث ريشه .. مشيرا أن لتغريده رأيا آخر .
تـهمة :
أصبح إمامهم وخطيبهم المفضل . تعلّقوا به .. مواعظه وسلوكاته شفعت له بذلك .

أنفاسعَنْتَرَة البَئيس  :
بَنى بَيْتاً بمربع ونافذة عكس المغارة
علّم سرّ الأجندة عكس الإشارة
وطأ للعدالة عكس الرّدالة
فتح مقلتيه وأخرج سنبلة ونخلة .. اليوم ضاعت عبلة
وبقي عنترة بلا نبلة !

بالمباشر:
في المكتب الفاخر .. قام في تعالٍ تامّ .. قصد المقصورة الباذخة ..
رقصت الهافانا على رنّة الكونياك .. طارت به ثمالة المنصب ..

أنفاسهذا الحرفٌ سفينة تبحرٌ بي إلى المزيد من جزر ملح المدينة .. أقيمُ داخل زنزانة شوق .. يكتبني مدنا تنفث صمتا مقيتا .. أرى جسرا يشرده يبسٌ الوقت .. رجالا و نساء  و أطفالا تحت سقف مطرٍ أشتهيه .. يصارعهم السؤالٌ عن لون المحال ..  أرى كرسيا من حجر ينقش اسم ولده الجنين .. بين أزقة تحترق وردا في الجبين .. لكَ الجلالة أيّها الحرفٌ المغسول الوجه بماء البحر و الريحان ... و على رصيف المدينة  يمدّ الضجرُ ذراعه المقوس إلى الأشجار المارة أمامه .. يطلب منهم قراءة مدن المنشور الوهّاجة .. فيردّون أنهم لا يٌحسنون العوْمَ في مياه مستنقع لعين .. و كالطفل البحري أسألٌ حارس المدينة عن رائحة هذه الخريطة الممتدة عبر رمال من جحيمٍ ..  مَن يكون هذا السائل الأزرق في ليلنا البهيم ..؟؟
هو من فئة الكراسي المبتورة العين .. و هذه الجسور الوارفة الظل تصول صبورة في الدم .. و الحصون الشاهقة في العيون المعطلة .. ترسم أجمل الشروخ  في وطن .. بالمزيد من خطب المواسم يؤسس حرمة الزنازن  .. و أعمدة صهاريج الثلج ..  يوشّحها  بأوسمة من قصب ..
 هي أفواه واسعة .. إلينا صدّرها زمن القحط .. حين انقلبت الأمكنةُ على وحشة الزمان .. فساد الظلام .. و تلاه ظلم البشر ..