anfasse08016لم تعترض الحضارات السابقة عن الجنس الإباحي، طالما أنه يدخل ضمن الطقوس الدينية، ويمارَس بالأعياد والإحتفالات السنوية. لكن بنشوء الإمبراطورية الرومانية ستتغير الرؤية للجنس بتغير السياسة التشريعية، يتطرق "باسكال كينيار" لتوضيح هذه النقطة، بقوله : "لم يُكدِّر علاقات الإغريق القدماء الجنسية، أياً كانت طبيعتُها، أو يشُبها أيّ أثرٍ لخطيئة أو حتى إحساس بالذنب، بينما حكمها في روما الذعر الذي تفرضه قواعد المراتب الاجتماعية. لم يكن التزمت الطهراني شيئا يتعلق بالجنسانية قط بل بالفحولة (لم يكن مسموحا للرجل اليوناني بأن يطأه ذكرا، ومسموح له بوطء الغلمان/الولدان). فالقيام بفعل الحب (كان) مُفضّل دوما على الامتناع عنه، لكن قيمته مرتبطة كلياً بمرتبة الموضوع الذي يُشبعه (مكانة الشريك الاجتماعية)". أما بالانتقال للحضارة الرومانية، فإن "الإباحية" حُصِرت ب"النفوذ"، ف"بوسع كل مواطن فعل ما يريد بامرأة غير متزوجة، أو خليلة، أو مُعتَّق، أو عبد" (باسكال كينيار)، وذلك لأن هذه الشخصيات تأتي بأدنى السلم الاجتماعي، مايجعلها خاضعة لنفوذ المواطن؛ ولا يحق للعبد أن يطأ سيده لأن هذا اعتُبر من "المحظور الأكبر"، أما الأعراف فهي "أن يلوط السيد عبده، يمد السيد أصبعه قائلا : te paedico (ألوطك) أو te irrumo (أملأ فمك بقضيبي)"، ولم يكن يحق للعبد الاعتراض لأن هذا يدخل ضمن الواجب نحو سيده. ومنه نرى كيف صارت الإباحية، ممارسة نفوذ مسموحة نحو من يمثلون الخضوع بالمجتمع، وممنوعة (كجريمة) إذا قام الخاضعون بالممارسات التي تشترط "نفوذ"، على "ذوي النفوذ" والمراتب الاجتماعية العليا؛ لأن "النموذج الوحيد للجنسانية الرومانية هو السيادة التي يمارسها السيد dominus على كل أحد آخر، والاغتصاب الذي يمارسه في الأوساط الأدنى مرتبة، هو العُرْف. أن تستمتع دون وضع قوّتك في خدمة الآخر شيء موجب للاحترام"، لأن "كل استمتاع وُضِع في خدمة الآخر منحط، وهو من جانب الرجل دلالة على نقص الفضيلة، نقص الفحولة، أي دلالة على العجز" (باسكال كينيار).

anfasse08014يحظى العمل الجمعوي بالمغرب بأهمية قصوى، خاصة وأنه يؤدي أدوارا ومهاما لا تقل أهمية عن تلك الأدوار الخاصة بالدولة، لدرجة  أن الخطاب السياسي المغربي الراهن يجعل من هذا الفاعل، أبرز الفاعلين المشاركين في تحقيق أهداف التنمية التي طالما ينشدها المجتمع المغربي، ويتضح هذا الأمر بشكل كبير في تلك الصلاحيات الدستورية التي أصبح يتمتع المجتمع المدني بشكل عام، والفاعل الجمعوي بشكل خاص، مع مطلع الدستور الجديدة لسنة 2011. ونهدف من خلال هذا المقال إلى الكشف من جهة عن الانتظارات والرهانات الفوقية المعلقة على عاتق الفاعل الجمعوي، ومن جهة ثانية سنعمل على الوقوف أمام إكراهات البنية التحتية للعمل الجمعوي.
يقر الدستور الجديد لسنة 2011 في أغلب فصوله بمبدأ الديمقراطية التشاركية، ويكرس هذا المبدأ بشكل واضح ودقيق في تلك الفصول الخاصة بالمجتمع المدني. فقد جاء في الفصل 12 أنه بإمكان الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام، والمنظمات غير الحكومية، في إطار الديمقراطية التشاركية، أن تساهم في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا تفعيلها وتقييمها، وعلى هذه المؤسسات والسلطات تنظيم هذه المشاركة طبق شروط وكيفيات يحددها القانون. أما الفصل 29 فيذهب إلى بالحق في حرية الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات، والانتماء النقابي والسياسي. كما نجد كذلك أن الدستور كرس في الفصول الخاصة بالحريات العامة جملة الحريات والحقوق الموازية والمرافقة والضرورية لاشتغال المجتمع المدني والفاعل الجمعوي، وأبرزها الفصل 25 و27 و29 و33 التي تنص على التوالي على حرية الفكر والرأي والتعبير، وحق الحصول على المعلومة وحرية الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي وتكريس مشاركة الشباب.

anfasse0107يعد الإنسان المعاصر إنسانا ذا بعد تقني خالص ، فقد شكلت التقنية المعاصرة جوهر حياة الإنسان وطبعت وجوده الخاص وكينونته ، فقد تغلغلت في مختلف جوانب حياته ، فلم تعد هناك مسافة بين الإنسان و التقنية بل أصبح هناك تطابق وتماهي بينهما لدرجة يمكن القول معها إن الذات الإنسانية انصهرت في التقنية ذاتها ، فلم يعد بمقدور الفرد الخروج عن دائرتها و نمط اشتغالها بل أصبح عاجزا، إنه مقيد يطأ تحت رحمتها لدرجة وصف ذاته بمستلب الذات و الهوية .
إن علاقة الإنسان بالتقنية علاقة تداخل تاريخي طبعت الوجود الإنساني ، فقد ارتبط ظهورها  وتطورها تاريخيا بالإنسان حتى أضحت علاقة الإنسان بالتقنية علاقة أنطولوجية  ترابطية فيما بينهما ، تحولت في مرحلة تاريخية إلى صراع غير متكافئ بينهما انهزم من خلالها الإنسان في معركة  الوجود .  فبالعودة تاريخيا إلى الماضي يظهر أن الإنسان لوحده عاجز عن تحقيق متطلباته أضف إلى ذلك الصراع غير المتكافئ مع الطبيعة التي كانت تهدد وجوده و بقاءه مما اضطر إلى ابتكار التقنية و تسخيرها لصالحه ، فبواسطتها انتصر الإنسان على الطبيعة و سخر التقنية كقوة إنسانية لقهر قوة الطبيعة و استغلالها لصالحه ، [ روني ديكارت ، مقالة في الطريق ] غير أن تاريخ التقنية إذا تأملنا فيه يعكس لنا أنه في مرحلة تاريخية معينة  فقد الإنسان السيطرة على التقنية ، فانقلبت موازين الصراع بين الإخوة الأعداء من مبدع لتقنية وفاعل في وجودها إلى عبد خاضع لها ، فالتطور الهائل الذي عرفته يرجع إلى فاعلية الإنسان الفكرية ، ورغبته الجامحة في امتلاك والسيطرة على الكون و الطبيعة بل أكثر من ذلك السيطرة على أبناء جنسه البشر ذاته غير أن الإنسان فقد السيطرة على التقنية و قوتها التي أصبحت تفوق قوة الإنسان حتى أصبح ينظر إليها بمثابة التنين الميتافيزيقي الذي يفوقه قوة و قدرة و يستحيل إجباره و إخضاعه و السيطرة عليه .

 anfasse0102     يعرف المجتمع العالمي بشكل عام، و المجتمعات النامية بشكل خاص مجموعة من التغييرات  في بنياتها الاقتصادية والاجتماعية، سياسية، ثقافية ، هذا التغيير الذي يمكن رصده و ملاحظته من خلال ما يعرفه مفهوم المؤسسات من تغيير في بنياتها و كذلك من خلال طرق التنظيم والتسيير، الهادفة بالدرجة الاولى الى وضع نماذج ضابطة للمجتمع، وفق ما يسمى بالعقد الاجتماعي حسب روسو، تماشيا وطبيعة المجتمع والعلاقات الاجتماعية السائدة والمسيطرة فيه على مر تاريخه.
   لا يمكن بأي حال من الأحوال التعرض لإحدى الموضوعات أو الظواهر التي لها علاقة من قريب او بعيد بالعلوم الاجتماعية والإنسانية، دون التركيز على المفاهيم التي لها بعد ابستمولوجي مهم ان لم نقل انه يتعذر وجود هذه العلوم دون انو جاد المفاهيم، لذلك رأنا انه من الاساسي  والضروري التعريف ببعض المفاهيم التي سنتناولها بالتحليل في علاقاتها مع التحولات التي مست مؤسسة العائلة في بداية هذا المقال .

   1- مفهوم التغيير
      مفهوم التغيير مخالف للتغير فالأول يحتاج الى أداة مادية من اجل وقعنته على الواقع الاجتماعي بشكل ملموس على سبيل المثال حزب سياسي ، جمعية ، حركة اجتماعية على شاكلة الانتفاضات العربية سنة 2011 ، اما التغير فهو ناتج عن حركة الطبيعة، حيث إنه قانون يسري داخل الطبيعة و المجتمع خارج عن أي إرادة إنسانية ( فبلوغ الماء درجة معينة يتغير ويتحول الى عنصر أخر، وهذه العملية هي قانون لا يمكن التدخل فيه او تغييره وسيظل كذلك. والتغيرات الكيفية او ما يسمى بقانون نفي النفي يعتمل بأسمى تجلياته في النبتة التي تتحول في سيرورة تطورها من بدرة الى نبتة ناضجة، تخضع لتغير في شكلها وجوهرها نظرا لعوامل الداخلية والخارجية، هذه النبتة التي غالبا ما تكون مختلفة عن التركيب السابق للبدرة السابقة.  ونجد ان من بين المقاربات التي أعطت أهمية كبيرة لمفهوم التغير والتغير هي المقاربة  الماركسية، حيث اهتمت بمفهوم التغيرات بشكل كبير خاصة من خلال قوانين المنهج المادي الجدلي، فهي تقدمه على اعتبار انه نتاج انتقال من حالة الى حالة مناقضة حيث التغيرات تحدث كنتاج للتناقضات التي توجد في المجتمع[1]

anfasse06112يجمع الكثير من المهمومين بشغف السؤال عن وضع المثقف في مطلع الألفية الحالية على تأكيد زواله واندثاره أو غياب تأثيره في المجتمع[1] ويحملون وسائل الإعلام المسؤولية الكاملة على ما آل إليه وضعه.
 لو سلمنا بأن ميلاد مفهوم "المثقف" كان على يد الصحافة الفرنسية[2]  التي عاشت سجالا عنيفا حول قضية الضابط الفرنسي دريفس،[3] فهذا يعني أن مكانة المثقف تشكلت على ضوء ميلاد المجتمع الجماهيري وتطور الصحافة والنشر[4]؛ أي أن وسائل الإعلام، والصحافة تحديدا، كانت سببا في بروز مفهوم المثقف. إذ شكلت عاملا أساسيا في تعاظم مكانته في المجتمع، وذلك لعدم وجود النقاش والجدل اللذين يسمحان للمثقف بالتعبير عن أفكاره ومواقفه،  في ذاك العصر، دون صحافة. فكيف تحولت وسائل الإعلام اليوم إلى أداة تغيب المثقف وزواله؟
إن الإجابة عن هذا السؤال تختلف باختلاف الرؤية للمثقف من جهة، وإلى تطور وسائل الإعلام وأشكال تدخلها في النقاش العام، ومساهمتها في تشكيل الفضاء العمومي؟

anfasse040101ملخص:
يستهدف هذا المقال التعرض لصيرورة بناء الفعل الجمعوي التنموي وتدخله الميداني داخل السياق المغربي،خصوصا في المجال والسياق المحليين بالبادية المغربية.
فقد شهد المغرب تحولات ماكرو سوسيواقتصادية وبنيوية؛طالت المحيط والإنسان وبنيات الوعي... تساوقت معها تحديات مجتمعية جديدة؛بفعل انهيار الحدود المادية والرمزية بين المجالين المديني والقروي،وما تبعهما من ميلاد إكراهات غير معهودة في إطار تدبير المعيش اليومي خصوصا؛ وقضايا التنمية المحلية بشكل عام...
وحيث إن الدولة المركزية بنموذجها اليعقوبي ظلت وطوال عقود؛  تقدم نفسها الفاعل الوحيد في الساحة التنموية المغربية،فإن توالي "فشلها" في الإستجابة لانتظارات الساكنة خصوصا بالمغرب العميق،فرض ظهور فاعلين جدد كما هي الحال مع التنظيمات الجمعوية، بمثابة بديل تنموي وجد تشجيعا حتى من الدولة نفسها،لتعوضها بما تأتى لها من قيم  رمزية وإمكانيات عمل وامتداد أفقي مع الساكنة...في تحقيق بعض المتطلبات التنموية التي عجزت عنها،ولما لا لتكون وسيلة للبحث عن الدعم والتمويل اللازمين من مختلف المتدخلين وطنيا ودوليا.
ومن جهة أخرى؛كان المجال القروي المغربي يتوسل-تنظيميا-مؤسسات وبنيات اجتماعية، أثبتت على مر عقود عن نجاعة عملية فائقة؛ في توفير حلول واقعية بمناسبة تدبير المعيش اليومي للأفراد أو المصير المشترك للقبيلة ككل.

anfasse26081بمجرد مغادرة الرحم، يوضع الجسد البشري تحت عناية القيم الاجتماعية و الاقتصادية التي تحاكمه، و تحكمه، و تتحكم فيه، فهو المجسم الوحيد الماثل بصريا امام العين، و المعبر عن الوجود المادي للانسان..
و بسبب هذه الابعاد المرئية التي تسبق الادراك الذهني لمعنى الوجود نفسه بالنسبة للفرد، يتم التعامل معه كأول اناء للتفاعل بين حضوره الواضح و بين ما سبق من معطيات تأريخية، و ثقافة موروثة، و قيم اقتصادية تحدد ماهية وجوده على أرض الواقع.
قيم استقبال الجسد الأولى هي قيم اقتصادية صرفة، فالقاء الجسد بظلاله على ما حوله استجابة للنور الاول، هي اللحظة التي تشرع فيها القيم الاقتصادية بالقاء أكبالها عليه.
فهو اما مغضوب عليه حيث لا مبررات اقتصادية لوجوده اصلا، و اما محاط بعناية التكنولوجيا مع الاذعان لشروطها كاملة...
و مع الاختلاف الحضاري هنا و هناك، فان الجسد لا يكاد يغادر موضعه كميدان للصراع الأزلي بين السليقة، و الرضوخ للقيم التي ستطلق مجموعة منظمة من الرسائل و الاشارات لتطويع الجسد وفق الإرث الثقافي المتراكم و المتغير باستمرار كممثل للنموذج المقبول اجتماعيا و زمكانيا.

anfasse21087التحولات الثقافية التي حدثت في المغرب ارتبطت بمحددين اثنين: التطورات الفكرية و السياسية و التقنية في العالم ككل و التي كان لها دور كبير في توجيه و تغيير نمط العيش و التفكير في المغرب و في البلاد العربية. ثم تطور و تفاعل العلاقات الثقافية و الاجتماعية و التاريخية و السياسية الخاصة بالبلد و التي أفرزت تحولات أنتجت مساهمة ما في تبادل التأثير مع التحولات الدولية، الغربية منها على الخصوص.
لقد عرف النصف الثاني من القرن الماضي و بداية هذا القرن ثورات متعددة المناحي، أحدثت تحولات سريعة و عميقة أثرت بشكل قوي على البشر و على كل أوجه الحياة. و هي تحولات لم يعرف لها التاريخ الإنساني مثيلا في القوة و السرعة و التأثير: و يمكن إدراجها في ثلاث أصول عامة متقاطعة و مترابطة فيما بينها:

1-    تحول سريع و أعمى
تطور العالم تقنيا بشكل سريع و غير مسبوق، و دخلت البشرية عصرا صناعيا لا ينفك عن التجدد. و بعد أن كانت تصبو- البشرية - إلى التحكم في الطبيعة و العمل على أن يعيش الناس بسعادة و رفاه، انقلبت الأمور على غير ما كان متوقعا. استقلت التقنية بالمدى الذي تتحكم فيه و تصل إليه. و أصبح "المخترعون و المتحكمون" في زمامها من علماء و ساسة و عسكر، مستلبين بها و مندهشين من اكتشافاتها و سحرها و تطورها الذي لا يمكن لجمه.  يقومون بما يفرضه عليهم التطور التقني في ارتباط مع التطور التجاري و الحروب و العولمة. لا شيء يستطيع أن يحد من الرغبة الجامحة في اكتشاف جديد و التعرف عليه و تجربته مهما كان مدمرا. و لا شيء يستطيع أن يحد التقنية من الاشتغال و من التطور و من الاكتساح. التقنية لا روح لها و لا إحساس. و العولمة فتحت الأبواب التي كانت موصدة على مصراعيها و هدمت الحدود و القوانين و الأخلاق المعرقلة لمجال تحركها، و أضحى العالم كله حتى أصغر قوة مجالا للعلم و التجربة و المراقبة و التحكم و الفوضى.