واهم ذاك الذي يبني جدارا فاصلا بين الرواية والدراية ظنا منه أن إحداهما مستقلة عن الأخرى. لكن الحقيقة غير ذلك بحجة أن كتابة الرواية أو أي مادة سردية تتطلب من بين أشياء أخرى إتقان اللفة المستعملة كوسيلة للتواصل مع القارئ عن طريق الحكي الذي لا يستقيم أبدا بدون تفكير. لهذا السبب، ربما، اعتبرت ماجدة حمود الروائي مفكرا في مقدمة دراستها المعنونة ب"إشكالية الأنا والأخر: نماذج روائية عربية".
من بين الأشياء الأخرى التي تستدعيها الكتابة السردية التحلي بقدر من الشجاعة كاف لإقدار الكاتب على الخروج من دائرة التردد كلما أراد مقاربة الوقائع التي أجل البوح بها اعتبارا لكذا و كذا..والواقع أن الشجاعة وحدها غير كافية لتبديد التوترات الناجمة عن الترددات.. فلأجل تحقيق النجاح في هذا المضمار، لا بد من تضافر استعدادات نفسية متباينة لا يتسع المجال لتفصيل الحديث عن طبيعتها وماهيتها.